الملك ويليام الأول

مملكة هولندا و بلجيكا

في عام 1813، و بعد انتهاء الحكم الفرنسي، عاد ابن الحاكم الأعلى ويليام الخامس إلى هولندا ليتسلم العرش. و قد كان هذا خروجاً واضحاً عن التقاليد، فعلى خلاف والده لم يصبح ويليام الأول حاكماً أعلى لكل المقاطعات بل بالأحرى ملكاً لدولة موحّدة لعب فيها الدور السياسي الأكبر.

توحّدت البلدان المدعوة بالبلدان المنخفضة النمساوية (بلجيكا في الوقت الحالي) مع أراضي الجمهورية السابقة لتشكّل حاجزاً ضدّ الفرنسيين المهزومين، و لذا نشأت المملكة الهولندية المتحدة. و قد كانت بنظر الأوروبيين بلداً متوسط المساحة يسيطر على مناطق مستعمرية كبيرة. حاول ويليام النشيط (الملقب بـ "كينغ مارشنت King-merchant" أي التاجر الملك) إعادة الاقتصاد المزدهر السابق من خلال تحفيز قواه في أجزاء البلد الثلاثة (الشمال و الجنوب و جزر الإنديز). كان على الجنوب، الذي حدثت فيه الثورة الصناعية قبلاً، التركيز على إنتاج سلع استهلاكية، و من ثمّ كان على التجّار في الشمال نقل هذه السلع عبر العالم. و أخيراً كان على سكان هذه المستعمرات الإمداد بالسلع الاستوائية الثمينة. أمر الملك بحفر القنوات و إنشاء الطرق بين الشمال و الجنوب لجعل النقل أكثر سهولة. و قد عمل هو نفسه كمستثمر. أنشأ ويليام عام 1824 الشركة التجارية الهولندية (Netherlands Trading Company) للتجارة مع جزر الإنديز الشرقية الهولندية. أُدخل "نظام الزراعة" أو "نظام الحراثة" إلى جزر الإنديز الشرقية الذي أجبر بموجبه السكان الأصليين على العمل في الأرض لدى السلطات الاستعمارية لفترة من كل سنة، حيث كانت الشركة التجارية الهولندية تبيع المنتجات.

لم يكن الملك، على الرغم من مساعيه الاقتصادية، ذو شعبية وسط البلجيكيين. فقد نظر إليه الليبراليون البلجيكيون على أنه حاكم رغب بالسلطة المطلقة و لم يكن مستعداً لتحمل أية مشاركة زائدة من طرف النخبة المثقفة. اعترض الكاثوليكيون البلجيكيون على تدخّل الملك البروتستنتي في تدريب الكهنة المترهبنين. تمرّد مواطنو بروكسل عام 1830، إذ استمدّوا الإلهام من النغم " Amour sacrée de la patrie" الذي تمَّ غناؤه في مسرحهم. أرسل ويليام الأول جيشاً ضدهم لكن من دون فائدة. مُنحت بلجيكا استقلالها، و على الرغم من هذا أبقى ويليام الأول الالتحاق بالجيش لتسع سنوات - جالباً على نفسه تكاليف عالية جداً - و هو شيء أضرّ بسمعته في هولندا بشكل كبير. و اعترف أخيراً باستقلال بلجيكا عام 1839. و في السنة التالية تنازل ويليام الأول الخائب الآمال عن عرشه.