الفيضان العظيم

خطر المياه

في وقت متأخر من ليلة 31 كانون الثاني 1953، انهارت سدود مقاطعة زيلاند خلال عاصفة شديدة القوة الأمر الذي أدى إلى خسارة 1835 شخص لأرواحهم و فقدان 72000 شخص لمنازلهم و غمر 200000 هكتار من الأراضي بالمياه. كانت كارثة وطنية. تمّ في أنحاء هولندا جمع المال و الملابس، و الترحيب بالأشخاص المُجْلين و وصول المساعدات من الخارج.

كان يمكن لهذه الكارثة أن تكون أسوأ، فلولا صمود سدود المقاطعة الجنوبية لهولندا، لغرق 30000 شخص آخر و لتشرد أكثر من مليون غيرهم. لأن الجزء الأكثر انخفاضاً من هولندا يقع خلف هذه السدود بالقرب من ايسيل الهولندية. كان مستوى المياه سيصل إلى أكثر من سبعة أمتار في معظم الأماكن لو انفجرت هذه السدود.

و لمنع كارثة كهذه من الحدوث ثانية بدأ، بعد الفيضان بوقت قليل، العمل على مسارب الفيضان ضمن أعمال الدلتا. كانت الخطط قد وضعت سابقاً لتقوية حواجز الفيضان الساحلية، لكن بسبب الحرب و إعادة الاعمار بعد الحرب لم يتم تطبيقها بعد. أغلقت كل الفجوات بين الجزر بالسدود. قوّيت السدود البحرية و النهرية و بني مسرب فيضان في ايسيل الهولندية.

و مع تقدمهم بالعمل، لاحظ المهندسون أنه لا يجب سدّ كل ألسن النهر البرية لأن هذا سيسبب اختفاء البيئة الطبيعية الفريدة. و بني، لهذا السبب، مسرب فيضان في أوسترسخيلده بفتحات تغلق فقط عند حالة الطوارئ. لم يتم التمكن من إغلاق ويسترسخيلده لأنها تؤمن العبور لمرفأي أنتيفرب و غينت. و بناء على ذلك، دُعّمت ببساطة السدود البحرية هنا.

بفضل هذا المشروع الضخم، أصبحت هولندا الجنوبية الغربية آمنة أكثر من الفيضان من ذي قبل. و في الوقت نفسه، حَسّنت الجسور و السدود الجديدة سهولة الوصول إلى جزر زيلاند، الأمر الذي عزّز تطوير الصناعة و السياحة في المقاطعة.

أظهر بوضوح الفيضان العظيم لعام 1953 مدى ضعف مناطق كبيرة في هولندا في وجه الفيضان. و إنه لأمر معروف الآن أن الخطر لا يأتي فقط من البحر و إنما من الأنهار الكبرى أيضاً. يسبب التغيّر المناخي أن يصبح سقوط الأمطار في أوروبا غير متوقع، و هذا يؤثر على مستويات المياه في الأنهار الكبرى. كان الوضع حرجاً في هولندا عامي 1993 و 1995، إذ كانت بعض الأنهار الكبرى على وشك الفيضان. حيث أدى هذا إلى تنفيذ عدد كبير من المشاريع لتعزيز السدود المائية. و رغم ذلك، يعتقد الخبراء أنّ الحلّ ليس تشييد السدود فقط. فهم يعتقدون أنه يجب إعطاء مساحة أكبر للأنهار و وقف البناء على الألسن البرية للأنهر و تخصيص مناطق تخزين مؤقت للمياه الفائضة. تترجم هذه الفلسفة إلى تعلم كيفية العيش مع المياه و ليس في صراع معها.